عندما تفقد المجتمعات *حكمائها وقادتها العظماء، واعمدتها الراسخة٫الثابته يعصف بها الحزن العميق، ويترك غيابهم فراغًا كبيرًا لا يعوّضه الزمن ولا تسدّه الأيام*. فهؤلاء هم أعمدة الحكمة ورموز العطاء، ورحيلهم يترك أثرًا لا تمحوه السنين مهما حاولت الأجيال أن تملأ ذلك الفراغ.
ثلاث سنوات مضت على رحيل الفقيد *عبدالله مهدي المارم القميشي*.
الشخصية الاجتماعية التي حفرت اسمها بحروف من نور في تاريخ شبوة. لقد كان قائدًا حكيمًا ومصلحًا اجتماعيًا نادرًا، عُرف بدوره الفاعل في إصلاح ذات البين وإخماد الفتن، وحل النزاعات القبلية بين قبائل لقموش وحمير وقبائل شبوة عامة. كان رجلًا وهب حياته وقدم كل ما يملك لخدمة الآخرين، يبذل وقته وجهده بإخلاص دائم، متحملًا المشاق في سبيل إحلال السلام والاستقرار.
كان *الفقيد عبدالله أحد ابرز قادة مقاومة قرن السوداء* ضد الاحتلال الحوثي في الحرب الأولى، وسجل *صفحات ناصعة في مقارعة الحوثي آنذاك* .كما كان أحد *أبطال المقاومة ضد النفوذ الإخواني الذي عاشته شبوة بعد أحداث أغسطس 2019م*. لقد كان رجلًا استثنائيًا، *عُرف عنه الصمود والثبات على المبدأ،* وعدم الاستسلام لقوى الطغيان الحوثية والإخوانية، *فلم يتزحزح ولم يتراجع قيد نملة عن مبادئه الراسخة*
لم يكن حضوره عابرًا، بل كان أشبه بجسرٍ يربط بين القلوب المتخاصمة ويجمع شمل المتفرقين.
فلقد كان في *ميادين الوغى أسدًا جسورًا*، يستمد منه جنوده *الشجاعة والثبات، شامخًا يقود معاركه برباطة جأش وصلابة*. وفي معترك الحياة اليومية، كان حكيمًا ومصلحًا، *له باع طويل ويد بيضاء في حل النزاعات والخلافات القبلية* يقدّم المصلحة العامة على كل اعتبار.
رحلت عنا يا *ابا سعيد* ورحيلك كان فاجعة كبيرة، وكأن الجبال تهوي من ثقل الفقد. لقد ترك فراغًا لا يملؤه أحد، وجرحًا عميقًا لا يندمل. غاب جسده، لكن روحه الطيبة وأفعاله النبيلة ما زالت حاضرة بيننا، تضيء لنا في ظلام الفقد وتلهمنا القوة والثبات في وجه المحن.
مكانك في القلوب سيبقى خالدًا، وذكراك ستظل شعلة مضيئة لا تنطفئ. فقد *كنت ركيزة أساسية للمجتمع ورمزًا للعطاء الذي لا حدود له*. ورحيلك كان خسارة فادحة، *كفقدان نجم يهتدي به الناس في الليالي الحالكة*.
افتقدك كل من عرفك
*افتقدتك مجالس كبار القوم التي كنت فيها صوت الحكمة والرأي السديد. وفصل الخطاب*
*افتقدتك القبائل التي لجأت إليك لإطفاء نيران الفتن وإصلاح ذات البين، افتقدت يد الخير التي كانت تمتد للجميع*.
*افتقدك المظلوم الذي وجد فيك نصيرًا ومنصفا شجاعًا يعيد له حقه بكل قوة وعدل*.
*افتقدك الملهوف الذي كنت تسارع لنجدته بلا تردد ولاتأخير*
افتقدتك النفوس الجريحة التي كنت تداويها بكلماتك الطيبة وابتسامتك الصادقة.
*افتقدتك المواقف الصعبة التي كنت فيها قائدًا لا يُشق له غبار.*
في أوقات الشدة، *كنت الحصن المنيع الذي يلجأ إليه الجميع*. لم تكن تخشى الوقوف في وجه الرياح العاتية، بل كنت تجابهها بإرادة صلبة وروح لا تعرف الانكسار، مقدمًا نموذجًا *يُضرب به المثل في القيادة والإخلاص والشجاعة*.
برحيلك، *فقدت شبوة بكل أطيافها رجلًا فريدًا . قائدًا ومصلحًا وأبًا وأخًا ومرشدًا. كنت صوت الحكمة في زمنٍ كثرت فيه الصراعات، ويد السلام التي تُطفئ نار الخلافات. لقد رحلت جسدًا، لكن إرثك من القيم والمبادئ سيظل حيًا في قلوبنا وأذهاننا*.
وفي هذه الذكرى الأليمة، نستلهم من مسيرتك الحافلة بالعطاء والدروس النبيلة. لنجعل من ذكراك شعلة أمل تعزز فينا روح الإخاء والإصلاح.
نسأل الله أن يرحم *ابا سعيد* برحمته الواسعة، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يُلهمنا السير على خطاك في الخير والعطاء والإصلاح.
"ستبقى ذكراك نبراسًا يهدي الأجيال إلى طريق العزة والمروءة.