آخر تحديث :السبت - 18 يناير 2025 - 01:09 ص

ثقافة وأدب


وجبة غداء (دسمة)

الثلاثاء - 22 نوفمبر 2022 - 12:23 م بتوقيت عدن

وجبة غداء (دسمة)

أمل بلجون

أُجبرت أم نيسان على السفر إلى أمريكا، ليس كما يتصورها البعض بلمحة بصر ( فتّي رشّي) إذ فيها من المتابعات ما لم يتحمله إلا ( الباكيج ) وما أدراك ما (الباكيج). متابعات جمة ومضنية، ارهقتهما معاً برغم الأجواء الساخنة إلا أن القوانين تأخذ مجراها.

وصلت أم نيسان لتنام.. وتنام.. لا تعلم من أين تجتر النوم، لكنها تنام بعد ساعات قلق وتوتر قضتها، لا تعلم عنها، لكنها استقرت نفسياً. صحت من غيبوبتها، تترنح، محتضنة ابنها، فلدة كبدها واحفادها الصغار، وجودها سعادة لهم، رُبّ ضارةٍ نافعة؛ فنيسان الذي قدَم إلى نيويورك بمساعدة قريب له، منذ زمن، للعمل وعمره كان أقل من عشرين عاماً، انخرط وتوغل و (افتحس) بـ(العدنية) وهو لا يفك الخط عربياً ولا افرنجياً، لكنه مضى.. أخطأ وأصاب وتهزأ وصمد، وجد نفسه يتحدث مع زبونة، كانت تتردد على المحل، اختارها لتكون أم الأولاد، دون تفكير.. لايتكلم اللغة، وصّل رسالته بطريقته، علّها تفهمه.. هي غير مسلمة وهو مسلم، لكنه وصّل الرسالة، وهي فهمته.. وجبة دسمة، قدمها لهم القدر.. أم الأولاد، يونس وياسمين ويارا ويافا.. اغترب نيسان ووصلت والدته تنور داره العطشان للجدة، المعلمة. داره التي تحتاج لوجودها... لكنها صرخت: " نيسان.. لا بسم الله ولا الحمد لله ولا السلام عليكم ولا مساكم الله بالخير!! أولادك يتكلمون افرنجي يا نيسان؟! القابض على دينه كالقابض على جمرة، دعهم يصلون إلى الفضاء". وعلى استحياء قالتها وهي تعيش لحظات الصراع الذي يعيشها نيسان" "إنك تدفع الثمن.. سلوكيات ومتناقضات واقع لا يُقبل، كيف ستجسد الوطن"؟! انكسار الوالدين واقع فرضته الغربة، بحجة أننا نعلمهم اللغة.